26/12/2023

ومن الحب ما أحرق الكتب

مقال يسرد قصص حقيقة من التاريخ القديم و المعاصر عن من أتلفت زوجته كتبه أو تأففت من ووجودها.


سِيبَوَيه عمرو بن عثمان الفارسي إمام النحو حجة العرب…

 قال صاعد البغدادي : قال لنا أبو علي. تزوج سِيْبَوَيْه بالبصرة بجارية عَشِقَته وهو قد بنى عَقْدَ كتابه ، وصنَّفَ أوائل أبوابه ، وهي جُزَازَاتٍ وقِطَعِ جُلُودٍ ، وخِرقٍ ، أَشْقَافٍ بيضٍ فلم يَكن يُقبل على الجارية ، ولا يشتغل بها ، وهي مشغوفة بِحُبه ، ولم يشغله غيرُ النظرِ والسهرِ والكتبِ ، فترصدتْ خروجه إلى السوق في بعض حوائجه ، وأخذت جَذْوَةَ نارٍ فطرحتها في الكتبِ حتى أُحْرقَتْ ، فرجع سِيْبَوَيْه فنظر إلى كُتُبِه وهي هباءٌ فَغُشي عليه أسفاً ، ثم أفاق فطلَّقها . ثم ابْتنى الكتاب بد ذلك ثانيةً . قال لنا أبو علي وذهب منه علمٌ كبير أخذه على الخليل فيما احترق له ، وإنا لله على ذلك . [1]


الليث بن المظفر صاحب الخليل بن أحمد

قال ابن المعتزّ : كان الخليلُ منقطعاً إلى اللَّيْث فلما صنَّف كتابه العين خصَّه به فحظيَ عنده جدّاً ووقع منه مَوْقعاً عظيماً ووهَبَ له مائة ألف وأقبل على حفظه ومُلاَزَمَته فحفظ منه النّصف واتَّفَق أنه اشترى جارية نفيسةً فَغَارَت ابنةُ عمه وقالت : واللّه لأغيظنَّه وإن غظْتُه في المال لا يُبَالي ولكني أراهُ مُكبّاً ليلَه ونهارَه على هذا الكتاب واللّه لأفجَعَّنه به فأحْرَقتْهُ فلما عَلمَ اشتدَّ أسفُه ولم يكن عند غيره منه نسخةٌ وكان الخليلُ قد مات . [2]


الأمير محمود الدولة أبو المبشر بن فاتك الآمري

قال ابن أبي أصيبعة - رحمه الله - : كان من أعيان أمراء مصر وأفاضل علمائها، دائم الاشتغال، محب للفضائل، والاجتماع بأهلها ومباحثهم، والانتفاع بما يقتبسه من جهتهم ، وللمبشر بن فاتك تصانيف جليلة في المنطق وغيره من أجزاء الحكمة، وهي مشهورة فيما بين الحكماء وكان كثير الكتابة، وقد وجدت بخطه كتباً كثيرة من تصانيف المتقدمين، وكان المبشر بن فاتك قد اقتنى كتباً كثيرة جداً، وكثير منها يوجد وقد تغيرت ألوان الورق الذي له بغرق أصابه، وحدثني الشيخ سديد الدين المنطقي بمصر قال كان الأمير ابن فاتك محباً لتحصيل العلوم، وكانت له خزائن كتب، فكان في أكثر أوقاته إذا نزل من الركوب لا يفارقها، وليس له دأب إلا المطالعة والكتابة، ويرى أن ذلك أهم ما عنده، وكانت له زوجة كبيرة القدر أيضاً من أرباب الدولة فلما توفي، رحمه اللَّه، نهضت هي وجوار معها إلى خزائن كتبه، وفي قلبها من الكتب، وأنه كان يشتغل بها عنها، فجعلت تندبه، وفي أثناء ذلك ترمي الكتب في بركة ماء كبيرة في وسط الدار هي وجواريها، ثم شيلت الكتب بعد ذلك من الماء وقد غرق أكثرها، فهذا سبب أن كتب المبشر بن فاتك يوجد كثير منها وهو بهذه الحال . [3]

 

قال الكاتب أنيس منصور

 كان لي صديق من علماء المدينة المنورة أسمه الشيخ إبراهيم العياشي ، قد ألف كتاب عن " الحجرات " أي الغرف التي كان يسكنها الرسول عليه الصلاة والسلام مع زوجاته ، وقد أمضى في تحقيق أماكنها عشرين عاماً ، وكانت امرأته تشبه زوجة سقراط ترى الرجل غارقاً بين الورق وفي المناقشات ، ولكن لا وجود له في البيت : زوجاً وأباً لخمسة من الأولاد ، فضاقت بكل ذلك ، وأحرقت الكتاب ليصاب الرجل بالشلل . [4]

 

الزبير بن بكار

كان يقول : قالت ابنة لأختي لأهلنا : خالي خير رجل لأهله لا يتخذ ضرة ، ولا يشتري جارية ، قال تقول المرأة : والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر . [5]

 

محمد بن شهاب الزهري

قالت له امرأته يوما والله لهذه الكتب أشد عليَّ من ثلاث ضرائر . [6]


قال الأديب إبراهيم عبدالقادر المازني

كانت زوجتي تقول آخر أيام حياتها رحمها الله :ليس لي ضرة سوى هذه الكتب. [7]


محمد بن أحمد بن أبان أبو عبد الله الجوهري

المحتسب يعرف بابن المحرم كان أحد غلمان محمد بن جرير الطبري وحدث عن محمد ابن يوسف بن الطباع وإبراهيم بن الهيثم البلدي .

قال ابن البقال : تزوج بن المحرم شيخنا ، قال : فلما حملت المرأة إلي جلست في بعض الأيام على العادة أكتب شيئاً والمحبرة بين يدي فجاءت أمها فأخذت المحبرة ، فلم أشعر بها حتى ضربت بها الأرض وكسرتها! فقلت لها في ذلك فقالت : بسْ هذه شر على ابنتي من ثلاثمائة ضرة . [8]


عبدالعال سعد الرشيدي - الكويت

------------------------------------------------

 [1] كتاب الفصوص . لصاعد (5/8)

 [2] المزهر في علوم اللغة .السيوطي ( 1/ 62 ) .

 [3] عيون الأنباء في طبقات الأطباء. ( 515 ) .

 [4] كتاب كل معاني الحب. لـ أنيس منصور ( 13 ) ط دار الشروق .

 [5] تاريخ بغداد ( 8/471 رقم 4585) .

 [6] وفيات الأعيان ( 4/32 رقم 563 ) .

 [7] كتاب سبيل الحياة . للمازني (63).

 [8] تاريخ بغداد ( 1/320رقم 217) البداية والنهاية ( 11/283 سنة 357هـ ) .

المرجع : صيد الفوائد