21/09/2023

لما سافر هارون الرشيد إلى المدينة المنورة ذهب إلى المسجد النبوي الشريف، فرأى الإمام مالكًا - رضي الله عنه - يدرِّس العلم، فقال للإمام مالك: يا مالك، ما ضر لو جئتنا لتدرس العلم لنا في بيتنا، فقال الإمام مالك: يا هارون، إن العلم لا يأتي، ولكنه يؤتى إليه، فقال له: صدقت يا إمام دار الهجرة، وسوف آتي إليك في المسجد، فقال له الإمام مالك: يا هارون، إذا جئتنا متأخرًا، فلن أسمح لك أن تتخطى رقاب الناس في المسجد، فقال له هارون الرشيد: سمعًا وطاعة، وبينما كان الإمام مالك - رضي الله عنه - يلقي درسًا بعد صلاة العصر دخل هارون الرشيد المسجد ودخل معه رجل ووضع الكرسي لهارون الرشيد، فنظر الإمام مالك إلى هارون الرشيد فوجده جالسًا على الكرسي في المسجد، فغيَّر مجرى الحديث، وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((مَن تواضع لله رفعه، ومن تكبَّر وضعه الله))، ففهِم هارون الرشيد المعنى، وأمر أن يُرفَع الكرسي من تحته، وجلس على الأرض كما يجلس الناس، وبعد ذلك دخل على الإمام مالك قبل سفرِه وأعطاه هدية، وقال له: يا مالك، خذ هذه الهدية، وكانت أربعمائة دينار، فقال له الإمام: أعفني يا أمير المؤمنين، أنا لا أستحق الصدقة، ولا أقبل الهدية، فقال له الرشيد: ولماذا لا تقبل الهدية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الهدية؟ فقال له مالك: أنا لست نبيًّا، ثم قال له: خذ مالَك وتوكل على الله، وبعد ذلك دعا الرشيد الإمام مالكًا لزيارة بغداد عاصمة الخلافة العباسية آنذاك، فرفض الإمام مالك، وقال: والله لا أرضى بجوارِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بديلاً.

المرجع: شبكة الألوكة