02/04/2025

إن كان الاحترام لا ينبض من القلب، فما جدواه؟

وإن كان التقدير وليد الإكراه، فأي قيمة له؟؟

في زحام الحياة، وبين تقاطعات العلاقات الاجتماعية، يظهر صوت بنبرة حادة : الحق لي!، يُقال لا لطلب الإنصاف، بل لفرض الهيبة، لانتزاع التقدير دون استحقاق، ولتكبيل الآخرين بقيود الاحترام الإجباري. يُقال بحجة العمر، أو المنصب، أو مجرد صلة القرابة، وكأن المشاعر تُنتزع بسلطة العمر أو تُفرض بمنطق العادات.

لا أقصد إهمال الحقوق الإجتماعية وإسقاط المعايير الأخلاقية ولكن علينا موازنة ما لنا وما علينا وتغليب حسن الظن وإبتدار الآخرين بالمعذرة وأن تكتسي لقاءاتنا بمشاعر الشوق لا المحاكمات الإجتماعية. أكتب هذه الخاطرة الصباحية وأنا على نهاية العقد الخامس من العمر مما يتيح لي فرض بعض القوانين الاجتماعية على من حولي إلا أن ما رواه أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،  وضع أمامي ميزاناً دقيقاً للفضل، ميزاناً لا يقلبه السن ولا تهزه المكانة، بل يقوم على الفعل النبيل. إنَّ أولى النَّاسِ بالله مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلام، في هذا الحديث إشارة بليغة: الأحقية ليست ميراثاً، بل سلوكاً، والمكانة ليست إرثاً، بل اختباراً.

التقدير يأتي مع العطاء، والاحترام وليد السلوك الكريم، فإن كانت مكانتك عظيمة، فاجعلها رحمة، وإن كنت الأكبر سناً، فاجعل عمرك حكمة. فالتقدير لا يُطلب، بل يُزرع، ومن زرع المعروف حصد الاحترام الحقيقي، لا ذاك الذي يُقتنص بالكلمات الجافة والتذكير المتكرر بـ الحق لي!.